المجتمع الدولي ينتصر لليمنيين .. «التحالف» إلى «الجنايات الدولية»؟
يمنات
معاذ منصر
يعيش «التحالف العربي» حالة من الرعب والقلق إزاء التحرك الدولي بشأن الملف الإنساني في اليمن، والتحقيق الذي جرى بشأن الانتهاكات التي ارتكبت من قبل الأطراف المشاركة في الحرب، وعلى وجه التحديد من قبل «التحالف» منذ أن دخل على خط الحرب، قبل أكثر من ثلاثة أعوام.
بدأ القلق لدى دول «التحالف» مع نهاية أغسطس الماضي، بعدما أصدر فريق الخبراء الدوليين تقريراً بشأن الانتهاكات التي ارتكبت من قبل أطراف الحرب، بينهم «التحالف».
وقال الخبراء في تقريرهم إن «الضربات الجوية التي شنها التحالف بقيادة السعودية في الحرب الدائرة باليمن، تسببت بخسائر بشرية كبيرة بين المدنيين، يصل بعضها إلى حد جرائم الحرب».
بالأمس اكتملت دائرة القلق ودخلت دول «التحالف» في حالة من الخطر والرعب أكثر، وذلك بعد مصادقة مجلس حقوق الانسان في جنيف على التمديد لفريق عمل الخبراء الدوليين في اليمن، وسط عجز دول «التحالف» في حشد المواقف التي تدعم إنهاء مهمة عمل فريق الخبراء الدوليين، والاعتماد على «اللجنة الوطنية اليمنية».
نقاش دولي مستعر
مصادر حقوقية يمنية في جنيف، وفي حديثها إلى «العربي»، قالت «إنه خلال الجلسات التي تمت خلال اليومين الماضيين جرى النقاش حول هذا الفريق، هل يتم التمديد له؟ هل يتم انهاء مهمته؟ أو هل يتم تحويله إلى لجنة دولية للتحقيق في انتهاكات حقوق الانسان؟ والسيناريوهات التي كانت مطروحة أمام المجلس، تمثلت بمشروعين، الأول مشروع قرار هولندي بالتمديد للفريق، والثاني مشروع قرار المجموعة العربية بإنهاء مهمة الفريق، وتشكيل فريق بديل، او الاكتفاء باللجنة الوطنية التي هي يرأسها المفلحي وهي لجنة يمنية».
وبعد يومين من النقاشات، وافق مجلس حقوق الإنسان التابع لـ «الأمم المتحدة» على تمديد فريق الخبراء بموافقة 21 دولة، ومعارضة 8 دول بينها السعودية والامارات واليمن، وقد عجزت المجموعة العربية بالضغط لتشكيل فريق دولي جديد أو إعلان انتهاء مهمة «فريق الخبراء الدوليين».
نحو محكمة الجنايات الدولية
حقوقيون وسياسيون وناشطون يمنيون، اعتبروا أن التمديد لفريق الخبراء في اليمن يُعد «خطوة مهمة لضمان رصد ومحاسبة المتورطين في الانتهاكات من مختلف الأطراف»، لافتين إلى أن «عدم التمديد له كان يعني تشجيع المنتهكين على التمادي أكثر في انتهاكاتهم وعبثهم، فيما يدفع اليمنيون الثمن وحدهم».
القيادية اليمنية في حزب «الإصلاح» والحائزة على جائزة «نوبل للسلام» توكل كرمان، علَّقت على هذه الخطوة بالقول: «أحيي قرار مجلس حقوق الانسان بتوسيع عمل فريق الخبراء المشكل من قبل المفوض السامي، وبهذا القرار يكون مرتكبو الانتهاكات في اليمن قد اقتربوا أكثر من محاكمتهم في محكمة الجنايات الدولية».
وأضافت «آمل ان يتمكن التقرير القادم للفريق من إحالتهم للمحاكمة في محكمة الجنايات الدولية، وأعد (أعتبر) هذا جزءً من الحماية الدولية لحماية شعبنا من الجرائم وحرب الإبادة، التي يشنها كبار مجرمي التحالف السعودي الاماراتي، وأولهم محمد بن سلمان ومحمد بن زايد وقادة الحوثي».
ويحشد «التحالف» منذ صدور التقرير مواقفاً كثيرة، ويدفع بـ«الحكومة اليمنية» إلى اعلان مواقف رافضة للتقرير وللفريق وعمله، حيث جرى تنظيم العديد من المؤتمرات داخل ابوظبي وخارجها للتحشيد ضده، وتم ابتداع العديد من الكيانات الموصوفة بالحقوقية التي أصدرت بيانات تندد بما جاء في التقرير. وكانت الامارات، قد استدعت وزير حقوق الانسان اليمني في حكومة «الشرعية»، حيث تركز النقاش مع المسؤولين الاماراتيين حول تقرير الفريق الدولي.
يقول الكاتب اليمني، عامر الدميني، إن الموضوع «ليس في انحياز تقرير فريق الخبراء الأخير واتهامه بالتسييس، فأي قصور فيه يمكن تلافيه في تقارير قادمة للفريق»، لافتاً إلى أن التقرير أثار كل هذا الضجيج «لأنه ذكر محمد بن سلمان ومحمد بن زايد وشخصيات عسكرية من كلا الدولتين بالاسم، وهذا بحد ذاته له العديد من الدلالات».
ويضيف «بالمختصر تحرك الحكومة اليمنية وموقفها الرافض للتقرير والتمديد للفريق، هو نشاط مجسد لرغبة التحالف ويخدمه أكثر مما يخدم الحكومة نفسها. ستخدم الحكومة الشرعية التحالف في هذا الموقف ثم سيركلها لاحقا».
التحرك القانوني لم ينته بعد
ويرى مؤيدو القرار، بما فيهم كندا والاتحاد الأوروبي، أن «مجموعة الخبراء التي كلفها المجلس بالمهمة العام الماضي، لا يزال أمامها عمل يتعين إنجازه، لكن المعترضين يقولون إن هذا سيفاقم الأزمة ويزيد من زعزعة الاستقرار بالمنطقة».
المحامي والحقوقي القانوني، توفيق الحميدي، وفي حديثه إلى «العربي»، يقول: «الرعب الحقيقي الذي يعيشه التحالف، يتمثل بأن هذا التقرير أول تقرير نوعي حقوقي يصدر من أعلى جهة حقوقية مسؤولة بالدرجة الأولى عن مراقبة حقوق الانسان، وهو مجلس حقوق الانسان»، لافتاً إلى أن التقرير «قد يفضي إلى مسألة حقيقية وجدية، إذا ما أحاله مجلس حقوق الانسان إلى مجلس الأمن الدولي لطلب إحالته إلى محكمة الجنايات الدولية، أو قد يستغل هذا التقرير من قبل أطراف أخرى والضغط لمطالبة محكمة الجنايات الدولية بمحاسبة الأطراف التي ارتكبت مثل هذه الجرائم».
قائمة سرية بأسماء المنتهكين
ويتابع الحميدي «هذا التقرير أصبح اليوم سيفاً مسلطاً على جميع الذين انتهكوا حقوق الانسان، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية يعتبر هذا التقرير الأول من نوعه الذي يتضمن قائمة سرية بالمنتهكين لحقوق الانسان، والجميع الان يخشى من هذه المسألة، ويخشى أن يكون هنالك أطرافاً قريبة وكبيرة ضمن هذه القائمة الأخيرة، وبالتالي هذا الفريق يريد أن يضمن قدر الإمكان المحاسبة الحقيقية للمنتهكين».
ويضيف «هؤلاء الذين يرفضون تمديد فترة عمل الفريق، يريدون أن يضمنوا قدر الإمكان الابتعاد عن المسألة القانونية والجنائية الدولية على الأقل، خصوصا أن الجهة الأعلى التي صدر عنها التقرير قوية».
ويعتقد الذين يرفضون التقرير أنهم «يستطيعون التحكم بمسار العدالة المحلية أو الوطنية قدر الإمكان ويضغطون عليها، لأن لديهم النفوذ المالي والإداري والعسكري والسياسي وغير ذلك، وبالتالي هم لا يريدون أن يذهبوا مع هذا الفريق، ويسعون قدر الإمكان لعدم التمديد له، والخوف يأتي من هذه النقطة».
ويوضح المحامي والحقوقي القانوني خلال حديثه إلى «العربي»، أن «التقرير الذي صدر في 40 صفحة، تضمن خلاصة ما وصلت إليه لجنة الخبراء البارزين»، لافتاً إلى أن «لجنة الخبراء قرأت الاف التقارير، ولديها معلومات هائلة ارشفتها ولديها الاف التقارير والاف الشكاوى ولديها أدلة دامغة قوية وموثقة».
وبحسب الحميدي، فإن «التحالف سيعجز عن فعل شيء، ويعجز عن منع التمديد للفريق أو من أي شيء من هذا القبيل، لأن التقرير أصبح أمراً واقعاً، وهو سيحاول عرقلة تحريكه في مجلس الأمن أو مجلس حقوق الانسان».
المصدر: العربي
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.